فصل: (فَصْلٌ): (فيمن مَنْ بَاعَ أَوْ رَهَنَ نَخْلًا):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى



.باب بيع الأصول والثمار وما يتعلق بها:

(الْأُصُولُ): جَمْعُ أَصْلٍ وَهُوَ مَا يَتَفَرَّعُ عَنْ غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ (هُنَا أَرْضٌ وَدُورٌ وَبَسَاتِينُ وَنَحْوُ مَعَاصِرَ)، كَحَمَّامَاتٍ (وَطَوَاحِينَ. وَالثِّمَارُ): جَمْعُ ثَمَرٍ، كَجَبَلٍ وَجِبَالٍ، وَهِيَ (مَا حَمَلَتْهُ الْأَشْجَارُ، سَوَاءٌ أُكِلَ أَوْ لَا)، فَيَشْمَلُ الْقَرْظَ وَنَحْوَهُ. (فَمَنْ) (بَاعَ) دَارًا، (أَوْ رَهَنَ) دَارًا، (أَوْ وَقَفَ) دَارًا (أَوْ أَقَرَّ) بِدَارٍ، (أَوْ وَصَّى) بِدَارٍ، وَيَتَّجِهُ، (أَوْ جَعَلَهَا)، أَيْ: الدَّارَ (نَحْوَ صَدَاقٍ) كَعِوَضِ طَلَاقٍ وَخُلْعٍ (وَأُجْرَةٍ). وَهُوَ مُتَّجِهٌ (تَنَاوَلَ) ذَلِكَ (أَرْضَهَا).
قَالَ فِي ( الْمُبْدِعِ مَا لَمْ تَكُنْ وَقْفًا، كَسَوَادِ الْعِرَاقِ) وَمِصْرَ وَالشَّامِ، وَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الْمَسَاكِنِ دُخُولُهَا، وَالسَّوَادُ هُوَ سَوَادُ كِسْرَى الَّذِي فَتَحَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ، سُمِّيَ سَوَادًا، لِسَوَادِهِ بِالزُّرُوعِ وَالْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ تَاخَمَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ الَّتِي لَا زَرْعَ فِيهَا وَلَا شَجَرَ، كَانُوا إذَا خَرَجُوا مِنْ أَرْضِهِمْ إلَيْهِ ظَهَرَتْ لَهُمْ خُضْرَةُ الزَّرْعِ وَالْأَشْجَارِ، وَهُمْ يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْخُضْرَةِ وَالسَّوَادِ فِي الِاسْمِ، فَسَمَّوْا خُضْرَةَ الْعِرَاقِ سَوَادًا، وَسُمِّيَ عِرَاقًا، لِاسْتِوَاءِ أَرْضِهِ حِينَ خَلَتْ مِنْ جِبَالٍ تَعْلُو، أَوْ أَوْدِيَةٍ تُخْفَضْ، وَحَدُّهُ طُولًا مِنْ حَدِيثَةِ الْمَوْصِلِ إلَى عَبَّادَانَ، وَعَرْضًا مِنْ عذيب الْفَارِسِيَّةِ إلَى حُلْوَانَ، فَيَكُونُ طُولُهُ مِائَةً وَسِتِّينَ فَرْسَخًا، وَعَرْضُهُ ثَمَانِينَ فَرْسَخًا إلَّا قَرْيَاتٍ سَمَّاهَا أَحْمَدُ بانقيا، وَأَرْضَ بَنِي صلوبا وَالْحِيرَةَ وَأُلَّيْسَ كَانُوا صُلْحًا، فَأَمَّا الْعِرَاقُ فَهُوَ فِي الْعَرْضِ مُسْتَوْعِبٌ لِعَرْضِ السَّوَادِ عُرْفًا، وَيَقْصُرُ عَنْ طُولِهِ فِي الْعَرْضِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَهُ فِي شَرْقِيِّ دِجْلَةَ، ثُمَّ يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ أَعْمَالِ الْبَصْرَةِ مِنْ جَزِيرَةِ عَبَّادَانَ، فَيَكُونُ طُولُهُ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا [يَقْصُرُ عَنْ طُولِ السَّوَادِ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ فَرْسَخًا، وَعَرْضُهُ ثَمَانُونَ فَرْسَخًا] كَالسَّوَادِ.
قَالَ قُدَامَةُ بْنُ جَعْفَرٍ: يَكُونُ ذَلِكَ مُكَسَّرًا عَشَرَةَ آلَافِ فَرْسَخٍ (بِمَعْدِنِهَا الْجَامِدِ)؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ، بِخِلَافِ الْجَارِي. (وَلِبَائِعٍ لَمْ يَعْلَمْ) أَنْ فِي الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ مَعْدِنًا جَامِدًا (الْفَسْخُ) وَالْإِمْضَاءُ، وَكَذَا لَوْ ظَهَرَ فِيهَا بِئْرٌ أَوْ عَيْنُ مَاءٍ، وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ إعْلَامُ الْبَائِعِ بِذَلِكَ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَتَاعًا فَوَجَدَهُ خَيْرًا مِمَّا اشْتَرَى.
(وَ) تَنَاوَلَ (بِنَاءَهَا)، أَيْ: الدَّارِ، لِدُخُولِهِ فِي مُسَمَّاهَا، (وَ) تَنَاوَلَ (فِنَاءَهَا)- بِكَسْرِ الْفَاءِ. مَا اتَّسَعَ أَمَامَهَا- (إنْ كَانَ) لَهَا فِنَاءٌ؛ لِأَنَّ غَالِبَ الدُّورِ لَا فِنَاءَ لَهَا، (وَ) تَنَاوَلَ (مُتَّصِلًا بِهَا)، أَيْ: الدَّارِ (لِمَصْلَحَتِهَا، كَسَلَالِيمَ) مِنْ خَشَبٍ مُسَمَّرَةٍ- جَمْعُ سُلَّمٍ بِضَمِّ السِّينِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ مَفْتُوحَةً، وَهِيَ الْمِرْقَاةُ- مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّلَامَةِ تَفَاؤُلًا، (وَكَرُفُوفٍ مُسَمَّرَةٍ، وَكَأَبْوَابٍ) مَنْصُوبَةٍ وَحَلْقِهَا، (وَكَرَحًى مَنْصُوبَةٍ، وَكَخَوَابٍ مَدْفُونَةٍ، وَأَجْرِفَةٍ مَبْنِيَّةٍ)، وَأَسَاسَاتِ حِيطَانٍ؛ لِأَنَّ اتِّصَالَةُ لِمَصْلَحَتِهَا، أَشْبَهَ الْحِيطَانَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ السَّلَالِيمُ وَالرُّفُوفُ مُسَمَّرَةً، أَوْ كَانَتْ الْأَبْوَابُ وَالرَّحَى غَيْرَ مَنْصُوبَةٍ، أَوْ الْخَوَابِي غَيْرَ مَدْفُونَةٍ، لَمْ يَتَنَاوَلْهَا الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّهَا مُنْفَصِلَةٌ عَنْهَا، أَشْبَهَتْ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فِيهَا، (وَ) تَنَاوَلَ (مَا فِيهَا)، أَيْ: الدَّارِ (مِنْ شَجَرٍ) مَغْرُوسٍ (وَ) مِنْ (عُرُشٍ)- جَمْعِ عَرِيشٍ- (وَهِيَ الظُّلَّةُ) لِاتِّصَالِهِمَا بِهَا (أَوْ) هِيَ (مَا تُحْمَلُ عَلَيْهَا الْكَرْمُ) قَالَهُ فِي الْإِقْنَاعِ، وَلَا يَتَنَاوَلُ مَا فِيهَا مِنْ كَنْزٍ وَحَجَرٍ مَدْفُونَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مُودَعَانِ فِيهَا لِلنَّقْلِ عَنْهَا، أَشْبَهَ السِّتْرَ وَالْفُرُشَ، بِخِلَافِ مَا فِيهَا مِنْ الْأَحْجَارِ الْمَخْلُوقَةِ، فَإِنْ ضَرَبَ بِعُرُوقِ الْأَشْجَارِ وَنَقَصَتْ الْأَرْضُ فَعَيْبٌ. (وَلَا) يَتَنَاوَلُ مَا فِيهَا مِنْ (مُنْفَصِلٍ)، (كَحَبْلٍ وَدَلْوٍ وَبَكْرَةٍ وَقُفْلٍ وَفُرُشٍ)؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَشْمَلُهُ، وَلَا هُوَ مِنْ مَصْلَحَتِهَا، (وَ) لَا (مِفْتَاحٍ) لِنَحْوِ دَارٍ (وَحَجَرِ رَحًى فَوْقَانِيٍّ)، لِعَدَمِ اتِّصَالِهِ وَتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ، وَإِنْ قَالَ مَثَلًا بِعْتُكَ هَذِهِ الطَّاحُونَ أَوْ الْمَعْصَرَةَ وَنَحْوَهَا، شَمِلَ الْحَجَرَ الْفَوْقَانِيَّ كَالتَّحْتَانِيِّ، لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ، (وَلَا) مَا فِيهَا مِنْ (مَعْدِنٍ جَارٍ، وَمَا نَبَعَ)؛ لِأَنَّهُ يَجْرِي مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ إلَى مِلْكِهِ، أَشْبَهَ مَا يَجْرِي مِنْ الْمَاءِ فِي نَهْرٍ إلَى مِلْكِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِالْحِيَازَةِ. وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ.
(وَ) لَا يَتَنَاوَلُ مَا فِيهَا مِنْ (رُفُوفٍ مَوْضُوعَةٍ عَلَى أَوْتَادٍ بِلَا تَسْمِيرٍ أَوْ) بِلَا (غَرْزٍ بِحَائِطٍ)، لِعَدَمِ اتِّصَالِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُسَمَّرَةً أَوْ مَغْرُوزَةً فِي الْحَائِطِ دَخَلَتْ، (وَ) كَذَا (خَوَابٍ مَوْضُوعَةٌ بِلَا تَطْيِينٍ عَلَيْهَا)، فَلَا يَتَنَاوَلُهَا الْبَيْعُ، لِعَدَمِ اتِّصَالِهَا بِالْأَرْضِ. (وَيَتَّجِهُ دُخُولُ عُلُوِّ بَيْتٍ) وَهُوَ مَا فَوْقَ سَقْفِهِ الْمَشْهُورِ بِالْهَوَاءِ (بِيعَ) ذَلِكَ الْبَيْتُ؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ تَابِعٌ لِلْقَرَارِ، وَ(لَا) يَدْخُلُ (مَا فَوْقَهُ)، أَيْ: الْمَبِيعِ (مِنْ مَسْكَنٍ مُسْتَقِلٍّ) إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) مَنْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ رَهَنَ أَوْ وَقَفَ أَوْ أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى (بِأَرْضٍ أَوْ بُسْتَانٍ) أَوْ جَعَلَهُ صَدَاقًا أَوْ عِوَضَ خُلْعٍ وَنَحْوِهِ، (دَخَلَ غِرَاسٌ وَبِنَاءٌ) فِيهَا- وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِحُقُوقِهَا- لِاتِّصَالِهِمَا بِهِمَا، وَكَوْنِهِمَا مِنْ حُقُوقِهَا، وَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ أَرْضٍ وَبُسْتَانٍ (شَجَرٌ مَقْطُوعٌ وَمَقْلُوعٌ)؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَتَنَاوَلُهُ، وَالتَّبَعِيَّةُ انْقَطَعَتْ بِانْفِصَالِهِ. (وَيَتَّجِهُ وَ) لَا يَدْخُلُ (بِنَاءٌ مَهْدُومٌ)، لِانْقِطَاعِ تَبَعِيَّتِهِ بِانْهِدَامِهِ، فَلَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَلَا) يَدْخُلُ فِي نَحْوِ بَيْعِ أَرْضٍ (مَا فِيهَا مِنْ زَرْعٍ لَا يُحْصَدُ إلَّا مَرَّةً، كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ) وَأُرْزٍ (وَقُطْنِيَّاتٍ)، وَهِيَ الْفُولُ وَالْعَدَسُ وَالْحِمَّصُ وَالْجُلُبَّانُ وَالتُّرْمُسُ وَاللُّوبِيَا وَالْكِرْسِنَّةُ وَالْبِسِلَّةُ وَنَحْوُهَا- وَهِيَ بِكَسْرِ الْقَافِ- سُمِّيَتْ بِذَلِكَ، لِقُطُونِهَا، أَيْ: مُكْثِهَا بِالْبُيُوتِ، (وَكَجَزَرٍ وَفُجْلٍ وَثُومٍ) وَبَصَلٍ؛ لِأَنَّهُ مُودَعٌ فِي الْأَرْضِ يُرَادُ لِلنَّقْلِ، أَشْبَهَ الشَّجَرَةَ الْمُؤَبَّرَةَ، (وَيَبْقَى) فِي الْأَرْضِ (فَقَطْ إلَى وَقْتِ أَخْذِهِ لِمُعْطٍ، وَلَوْ كَانَ بَقَاؤُهُ أَنْفَعَ لَهُ)، كَالثَّمَرَةِ [(بِلَا أُجْرَةٍ)؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُسْتَثْنَاةٌ لَهُ، (مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ)، أَيْ: الزَّرْعَ (آخِذٌ) مِنْ مُشْتَرٍ وَمُتَّهِبٍ]، فَإِنْ شَرَطَهُ آخِذٌ، (فَهُوَ لَهُ) قَصِيرًا كَانَ أَوْ ذَا حَبٍّ، مُسْتَتِرًا أَوْ ظَاهِرًا، مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا؛ لِأَنَّهُ بِالشَّرْطِ يَدْخُلُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ، كَأَسَاسَاتِ الْحِيطَانِ، (وَإِنْ حَصَدَهُ)، أَيْ: الزَّرْعَ بَائِعٌ (قَبْلَ أَوَانِهِ)، أَيْ: الْحَصَادِ، (لِيَنْتَفِعَ بِالْأَرْضِ فِي غَيْرِهِ)، أَيْ: غَيْرِ ذَلِكَ الزَّرْعِ، (لَمْ يَمْلِكْ) الْبَائِعُ (الِانْتِفَاعَ) بِهَا، لِانْقِطَاعِ مِلْكِهِ عَنْهَا، كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا فِيهَا مَتَاعٌ لَا يُنْقَلُ فِي الْعَادَةِ إلَّا فِي شَهْرٍ، فَتَكَلَّفَ نَقْلَهُ فِي يَوْمٍ لِيَنْتَفِعَ بِالدَّارِ فِي غَيْرِهِ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ، لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ، لِانْقِطَاعِ مِلْكِهِ عَنْهَا، وَإِنَّمَا أُمْهِلَ لِلتَّحْوِيلِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، دَفْعًا لِضَرَرِهِ، وَحَيْثُ تَكَلَّفَهُ قَدْ رَضِيَ بِهِ.

.(فَرْعٌ): [في بيع البستان]:

(الْبُسْتَانُ اسْمٌ لِأَرْضٍ وَشَجَرٍ وَحَائِطٍ) بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَرْضَ الْمَكْشُوفَةَ لَا تُسَمَّى بِهِ، (وَمَنْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ وَثُلُثَ بِنَائِهَا، أَوْ) بِعْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ (وَثُلُثَ غِرَاسِهَا، أَوْ) بِعْتُكَ هَذَا (الْبُسْتَانَ وَثُلُثَ غِرَاسِهِ، لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ) مِنْ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ (إلَّا الْجُزْءُ الْمُسَمَّى)، لِقَرِينَةِ الْعَطْفِ. (وَإِنْ كَانَ مَا فِي الْأَرْضِ يُجَذُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، كَرَطْبَةٍ)- بِفَتْحِ الرَّاءِ- وَهِيَ الْفَصَّةُ، فَإِذَا يَبِسَتْ فَهِيَ قَتٌّ، (وَبُقُولٍ، كَنَعْنَاعٍ) وَشَمَرٍ، (أَوْ) كَانَ مَا فِيهَا (تُكَرَّرُ ثَمَرَتُهُ كَقِثَّاءٍ وَبَاذِنْجَانٍ) وَدُبَّاءَ وَهِنْدِبَاءَ، أَوْ يَتَكَرَّرُ زَهْرُهُ، كَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ (فَأُصُولُ) جَمِيعِ هَذِهِ (لِآخِذٍ) بِشِرَاءٍ أَوْ اتِّهَابٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلْبَقَاءِ، أَشْبَهَ الشَّجَرَ، (وَجُذَّةٌ ظَاهِرَةٌ) وَقْتَ عَقْدٍ لِمُعْطٍ، (وَزَهْرٌ تَفَتَّحَ وَلُقَطَةٌ أَوْلَى لِمُعْطٍ)؛ لِأَنَّهُ يُجْنَى مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ، أَشْبَهَ الشَّجَرَ الْمُؤَبَّرَ، (وَعَلَيْهِ)، أَيْ: الْمُعْطِي (قَطْعُهُ)، أَيْ: مَا كَانَ فِي الْأَرْضِ جِزَّةً ظَاهِرَةً وَلُقَطَةً أَوْلَى وَقْتَ عَقْدٍ (فِي الْحَالِ)، أَيْ: فَوْرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِي إلَيْهِ، وَرُبَّمَا ظَهَرَ غَيْرَ مَا كَانَ ظَاهِرًا، فَيَعْسُرُ التَّمْيِيزُ، وَمَحِلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ [آخِذٌ] دُخُولَ مَا لِبَائِعٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ شَرَطَهُ كَانَ لَهُ، (وَقَصَبُ سُكَّرٍ كَزَرْعٍ)، يَبْقَى لِمُعْطٍ إلَى أَوَانِ أَخْذِهِ، (وَ) قَصَبٌ (فَارِسِيٌّ كَثَمَرَةٍ)، فَمَا ظَهَرَ مِنْهُ فَلِمُعْطٍ، وَيَقْطَعُهُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهِ الَّذِي يُؤْخَذُ فِيهِ، (وَعُرُوقُهُ)، أَيْ: الْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ (لِمُشْتَرٍ) [وَنَحْوِهِ]؛ لِأَنَّهَا تُتْرَكْ فِي الْأَرْضِ لِلْبَقَاءِ فِيهَا، أَشْبَهَتْ الشَّجَرَةَ، فَإِنْ طَلَبَ (مِنْ بَائِعٍ) وَنَحْوِهِ (إزَالَةَ عُرُوقِ) قَصَبِ (سُكَّرٍ مُضِرَّةٍ بِالْأَرْضِ لَزِمَهُ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ تَسْلِيمَ الْأَرْضِ خَالِيَةً، وَكَذَا يَلْزَمُهُ إزَالَةُ عُرُوقِ قُطْنٍ وَذُرَةٍ، كَنَقْلِ مَتَاعٍ وَتَسْوِيَةِ حُفَرٍ، لِمَا فِي بَقَائِهَا مِنْ الضَّرَرِ، (وَكَذَا كُلُّ مَا لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعٍ)، عَلَى الْبَائِعِ إزَالَتُهُ، وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمُشْتَرِي. (وَبَذْرٌ يَبْقَى أَصْلُهُ مِنْ نَحْوِ رَطْبَةٍ)، كَبُقُولٍ وَقِثَّاءٍ وَبَاذِنْجَانٍ، (كَشَجَرٍ) يَتْبَعُ الْأَرْضَ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُهَا لَوْ كَانَ ظَاهِرًا، فَأَوْلَى إذَا كَانَ مُسْتَتِرًا، وَلِأَنَّهُ يُتْرَكُ فِيهَا لِلْبَقَاءِ (مَا لَمْ يَكُنْ الْقَاصِدُ مِنْهُ)، أَيْ: مِنْ الْبَذْلِ الَّذِي يَبْقَى أَصْلُهُ (الشَّتْلَ): فَإِنْ أُرِيدَ مِنْهُ النَّقْلُ مِنْ مَكَانِهِ لِيُشْتَلَ فِي مَكَان آخَرَ، (فَهُوَ لِبَائِعٍ)، لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ. (وَمَا لَا يَبْقَى) أَصْلُهُ فِي الْأَرْضِ، كَبَذْرِ بُرٍّ وَقُطْنِيَّاتٍ، (فَكَزَرْعٍ) لِبَائِعٍ وَنَحْوِهِ، كَمَا لَوْ ظَهَرَ، (وَلِمُشْتَرٍ جَهِلَهُ)، أَيْ: جَهِلَ بَذْرًا لَا يَتْبَعُ الْأَرْضَ، بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ، (الْخِيَارُ بَيْنَ فَسْخِ) بَيْعٍ، لِفَوَاتِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْعَامَ، (وَ) بَيْنَ (إمْضَاءٍ مَجَّانًا) بِلَا أَرْشٍ؛ لِأَنَّهُ لَا نَقْصَ فِي الْأَرْضِ، (وَيَسْقُطُ) خِيَارُ مُشْتَرٍ (إنْ حَوَّلَهُ)، أَيْ: الْبَذْرَ بَائِعٌ مِنْ أَرْضٍ (مُبَادِرًا بِزَمَنٍ يَسِيرٍ)، لِزَوَالِ الْعَيْبِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ الْأَرْضَ، (أَوْ وَهَبَهُ)، أَيْ: وَهَبَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ (مَا هُوَ مِنْ حَقِّهِ)، أَيْ: الْبَاذِلِ، فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، لَأَنْ زَادَهُ خَيْرًا، وَإِنْ اشْتَرَى أَرْضًا يَبْذُرُهَا فِيهَا، صَحَّ وَدَخَلَ تَبَعًا، (وَكَذَا مُشْتَرٍ نَخْلًا) عَلَيْهَا طَلْعٌ (ظَنَّ) الْمُشْتَرِي (طَلْعَهَا لَمْ يَتَشَقَّقْ)، فَيَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ (فَبَانَ مُتَشَقِّقًا)، فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ، وَيَسْقُطُ إنْ وَهَبَهُ بَائِعٌ الطَّلْعَ، (لَكِنَّهُ لَا يَسْقُطُ) خِيَارُ مُشْتَرٍ (بِقَطْعٍ) لِطَلْعٍ؛ لِأَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي إزَالَةِ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي بِفَوَاتٍ، كَثَمَرَةِ ذَلِكَ الْعَامِ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا فَإِنَّهُ بِتَحْوِيلِهِ الْبَذْرَ يَزُولُ الْعَيْبُ، فَيَنْتَفِعُ الْمُشْتَرِي بِهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الزَّرْعِ. وَيَثْبُتُ خِيَارٌ لِمُشْتَرٍ أَرْضًا أَوْ شَجَرًا (ظَنَّ دُخُولَ زَرْعٍ أَوْ) دُخُولَ (ثَمَرَةٍ) عَلَى شَجَرٍ مِمَّا يَكُونُ (لِبَائِعٍ، كَمَا لَوْ جَهِلَ وُجُودَهُمَا)، أَيْ: الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِبَذْلِ مَالِهِ عِوَضًا عَنْ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ بِمَا فِيهِمَا، فَإِذَا بَانَ خِلَافُ ذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، كَالْمُشْتَرِي لِلْمَعِيبِ يَظُنُّهُ صَحِيحًا، لِتَفَرُّدِهِ بِفَوَاتِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ ذَلِكَ الْعَامَ، (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ)، أَيْ: الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ فِي جَهْلٍ، كَذَلِكَ إنْ جَهِلَهُ مِثْلُهُ، كَعَامِّيٍّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، (وَلَا تَدْخُلُ مَزَارِعُ قَرْيَةٍ) بِيعَتْ؛ لِأَنَّهَا تَجْمَعُ النَّاسَ (بِلَا نَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ، كَبَذْلِ ثَمَنٍ كَثِيرٍ) لَا يَصْلُحُ إلَّا فِيهَا، (أَوْ ذِكْرِ حُدُودَهَا)، أَيْ: الْمَزَارِعِ، أَوْ الْمُسَاوِمَةِ عَلَى أَرْضِهَا، أَوْ ذِكْرِ الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ الَّذِي فِيهَا، (وَإِلَّا) تُذْكَرُ مَزَارِعُهَا، وَلَا قَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَى دُخُولِهَا، فَيَدْخُلْ فِي بَيْعِ قَرْيَةٍ (بُيُوتٌ وَحِصْنٌ) إنْ كَانَ بِهَا، وَسُوَرٌ (دَائِرًا عَلَيْهَا)، أَيْ: عَلَى الْقَرْيَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مُسَمَّى الْقَرْيَةِ، (وَ) يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا (الشَّجَرُ) الْقَائِمُ (بَيْنَ بِنَائِهَا) تَبَعًا لَهَا، (وَأُصُولُ بُقُولٍ وَزَرْعٍ، كَمَا تَقَدَّمَ) قَرِيبًا، وَلَا يَدْخُلُ زَرْعٌ وَلَا بَذْرَةٌ، وَلَا مُنْفَصِلٌ عَنْ الْقَرْيَةِ مِنْ نَحْوِ مَفَاتِحَ وَأَحْجَارِ رَحًى فَوْقِيَّةٍ وَأَحْبَالٍ وَبَكَرَاتٍ وَأَدْلِيَةٍ وَنَحْوِهَا، بِخِلَافِ الْمُتَّصِلِ مِنْ عَرْشٍ وَخَوَابٍ مَبْنِيَّةٍ وَأَبْوَابٍ مُرَكَّبَةٍ وَحَجَرِ رَحًى سُفْلَانِيٍّ إنْ كَانَ مَنْصُوبًا، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ دَارٍ.

.(فَصْلٌ): [فيمن مَنْ بَاعَ أَوْ رَهَنَ نَخْلًا]:

(وَمَنْ) (بَاعَ نَخْلًا، أَوْ رَهَنَ) نَخْلًا، (أَوْ وَهَبَ) نَخْلًا، (أَوْ أَخَذَ بِشُفْعَةٍ نَخْلًا تَشَقَّقَ طِلْعُهُ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا- وِعَاءُ الْعُنْقُودِ، وَهُوَ مَا يَطْلُعُ مِنْ النَّخْلَةِ، ثُمَّ يَصِيرُ تَمْرًا إنْ كَانَ أُنْثَى، وَإِنْ كَانَتْ ذَكَرًا، لَمْ يَصِرْ تَمْرًا، بَلْ يُؤْكَلُ طَرِيًّا، وَيُتْرَكُ عَلَى النَّخْلَةِ أَيَّامًا مَعْلُومَةً حَتَّى يَصِيرَ فِيهِ شَيْءٌ أَبْيَضُ مِثْلُ الدَّقِيقِ، وَلَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ فَيُلَقَّحُ بِهِ الْأُنْثَى (وَلَوْ لَمْ يُؤَبَّرْ)، أَيْ: يُلَقَّحْ، (أَوْ) بَاعَ، أَوْ وَهَبَ، أَوْ رَهَنَ نَخْلًا بِهِ (طَلْعُ فُحَّالٍ) يُرَادُ لِتَلْقِيحٍ، (أَوْ صَالَحَ بِهِ)، أَيْ: بِنَخْلٍ بِهِ ذَلِكَ، (أَوْ جَعَلَهُ صَدَاقًا أَوْ أُجْرَةً، أَوْ عِوَضَ خُلْعٍ) أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ (فَثَمَرٌ) وَطَلْعُ فُحَّالٍ (لَمْ يَشْتَرِطْهُ) كُلُّهُ (أَوْ بَعْضُهُ لِمَعْلُومٍ)، كَنِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ مُعَيَّنَةٍ (آخِذٍ لِمُعْطٍ مَتْرُوكًا إلَى جَذَاذٍ)، لِحَدِيثِ «مَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ يُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَا قَبْلَ ذَلِكَ لِمُشْتَرٍ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ التَّأْبِيرَ حَدًّا لِمِلْكِ الْبَائِعِ لِلثَّمَرَةِ، وَنَصَّ عَلَى التَّأْبِيرِ، وَالْحُكْمُ مَنُوطٌ بِالتَّشَقُّقِ؛ لِمُلَازَمَتِهِ لَهُ غَالِبًا، وَأُلْحِقَ بِالْبَيْعِ بَاقِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهُ، وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ الْهِبَةُ، لِزَوَالِ الْمِلْكِ فِيهَا بِغَيْرِ فَسْخٍ وَتَصَرُّفِ الْمُتَّهِبِ بِمَا شَاءَ، أَشْبَهَ الْمُشْتَرَى وَالرَّهْنَ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلْبَيْعِ لِيُسْتَوْفَى الدَّيْنُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَتُرِكَ إلَى الْجِذَاذِ إذَنْ؛ لِأَنَّ تَفْرِيغَ الْمَبِيعِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، كَدَارٍ فِيهَا أَطْعِمَةٌ أَوْ مَتَاعٌ، وَإِنْ اشْتَرَطَهُ كُلَّهُ مُشْتَرٍ، أَوْ اشْتَرَطَ بَعْضًا مَعْلُومًا، فَلَهُ مَا شَرَطَ، لِلْخَبَرِ، (مَا لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِأَخْذِهِ)، أَيْ: التَّمْرِ بُسْرًا، أَوْ يَكُنْ بُسْرُهُ (خَيْرًا مِنْ رُطَبِهِ)، فَيَجُذَّهُ بَائِعٌ إذَا اسْتَحْكَمَتْ حَلَاوَةُ بُسْرِهِ؛ لِأَنَّهُ عَادَةُ أَخْذِهِ، (وَإِنْ تَضَرَّرَ الْأَصْلُ بِبَقَائِهِ، أَوْ شَرَطَ عَلَى بَائِعٍ الْقَطْعَ، قَطَعَ)؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ، بِخِلَافِ وَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ. (وَيَتَّجِهُ وَإِقْرَارٌ) مِثْلُ الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ فِي الْحُكْمِ، لَكِنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ الْإِقْنَاعِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّ الثَّمَرَةَ كَالْبَيْعِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ اتِّجَاهِ الْمُصَنِّفِ، (فَتَدْخُلُ ثَمَرَةٌ فِيهَا)، أَيْ: فِي الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ، (نَصًّا)، أُبِّرَتْ أَوْ لَمْ تُؤَبَّرْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَصْدُ مِنْ وَقْفِ الشَّجَرَةِ الِانْتِفَاعُ بِثَمَرَتِهَا، دَخَلَتْ، وَلَوْ بَعْدَ التَّشَقُّقِ، وَالْوَصِيَّةُ شَبِيهَةٌ بِالْوَقْفِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، (كَفَسْخِ) بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ قَبْلَ دُخُولٍ (لِعَيْبٍ، وَإِقَالَةِ بَيْعٍ، وَرُجُوعِ أَبٍ فِي هِبَةٍ) وَهَبَهَا لِوَلَدِهِ حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ الثَّمَرَةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهَا نَمَاءٌ مُتَّصِلٌ، أَشْبَهَتْ السِّمَنَ، (خِلَافًا لَهُ)، أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ، (وَكَلَامُهُ هُنَا فِيهِ نَظَرٌ)، فَإِنَّهُ جَعَلَهَا زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً، فَلَا تَدْخُلُ الثَّمَرَةُ فِي الْفَسْخِ، وَرُجُوعِ الْأَبِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَالَ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ أَيْضًا بِكَوْنِهِ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً فِيمَا تَقَدَّمَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ تَبَعًا لِلْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ فِي التَّفْلِيسِ، وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الصَّدَاقِ، وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَالْمُنَقَّحِ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ مَا دَامَتْ عَلَى الشَّجَرَةِ، فَهِيَ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ، وَلَا تَصِيرُ مُنْفَصِلَةً إلَّا بِجَذِّهَا. (وَكَنَخْلٍ مَا بَدَا)، أَيْ: ظَهَرَ (مِنْ ثَمَرَةٍ) لَا قِشْرَ عَلَيْهَا وَلَا نَوْرَ لَهَا، (كَعِنَبٍ) قَالَ فِي الْمُغْنِي: الْعِنَبُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَهُ نَوْرٌ لِأَنَّهُ يُبْدَأُ فِي قُطُوفِهِ شَيْءٌ صِغَارٌ كَحَبِّ الدَّخَنِ، ثُمَّ يَتَفَتَّحُ وَيَتَنَاثَرُ كَتَنَاثُرِ النَّوْرِ، فَهُوَ مِنْ قِسْمِ مَا لَهُ نَوْرٌ يَتَنَاثَرُ نَوْرُهُ، فَتَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ، كَالتُّفَّاحِ وَنَحْوِهِ، وَمِثْلُهُ الزَّيْتُونُ. وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيهِ الْمُنْتَهَى وَالْكَافِي وَفِيهِ مِنْ النَّظَرِ مَا لَا يَخْفَى، فَعَلَى هَذَا كَانَ مَحَلُّ ذِكْرِهِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي الَّذِي يَظْهَرُ مِنْهُ نَوْرُهُ. (وَتِينٍ وَتُوتٍ)، وَجُمَّيْزٍ (وَ) كَذَا مَا بَدَا فِي قِشْرِهِ وَبَقِيَ فِيهِ إلَى أَكْلِهِ، (كَرُمَّانٍ) وَمَوْزٍ، (وَ) مَا بَدَا فِي قِشْرَيْنِ، (كَجَوْزٍ، أَوْ ظَهَرَ مِنْ نَوْرِهِ كَمِشْمِشٍ وَتُفَّاحٍ وَسَفَرْجَلٍ وَلَوْزٍ وَخَوْخٍ وَإِجَّاصٍ أَوْ خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ) جَمْعُ كِمٍّ- بِكَسْرِ الْكَافِ- وَهُوَ الْغِلَافُ، (كَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ وَنَرْجِسِ وَبَنَفْسَجٍ وَقُطْنٍ يُحْمَلُ كُلُّ عَامٍ كَالْحِجَازِ)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلُّهُ بِمَثَابَةِ تَشَقُّقِ الطَّلْعِ، (وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ)، أَيْ: قَبْلَ الْبُدُوِّ، فِي نَحْوِ عِنَبٍ، وَالْخُرُوجِ مِنْ النَّوْرِ فِي نَحْوِ مِشْمِشٍ، وَالظُّهُورِ مِنْ الْأَكْمَامِ فِي نَحْوِ الْوَرْدِ، فَهُوَ (لِآخِذٍ) مِنْ مُشْتَرٍ وَمُتَّهِبٍ وَنَحْوِهِمَا، (كَوَرَقِ) شَجَرٍ (مُطْلَقًا)، سَوَاءٌ كَانَ مَقْصُودًا، كَوَرَقِ التُّوتِ أَوْ لَا، كَوَرَقِ الْمِشْمِشِ، وَكَذَا الْعَرَاجِينُ وَنَحْوُهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَجْزَائِهَا خُلِقَتْ لِمَصْلَحَتِهَا كَأَجْزَاءِ سَائِرِ الْمَبِيعِ. (وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُعْطٍ) مِنْ بَائِعٍ وَنَحْوِهِ (بِيَمِينِهِ فِي بُدُوِّ ذَلِكَ)، أَيْ: الثَّمَرَةِ قَبْلَ عَقْدٍ، لِتَكُونَ بَاقِيَةً لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِفَائِهَا عَنْهُ (حَيْثُ اُحْتُمِلَ) صِدْقُهُ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ خُرُوجَهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، (وَكَزَرْعٍ قُطْنٌ يُحْصَدُ كُلَّ عَامٍ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ، أَشْبَهَ الْبُرَّ، وَمِنْهُ نَوْعٌ لَهُ أَصْلٌ يَبْقَى فِي الْأَرْضِ أَعْوَامًا، فَحُكْمُهُ كَالشَّجَرَةِ. (وَيَصِحُّ شَرْطُ مُعْطٍ لِنَفْسِهِ مَا لِآخِذٍ، أَوْ) شَرْطِهِ (جُزْءًا مِنْهُ مَعْلُومًا) نَحْوَ رُبْعٍ أَوْ خُمُسٍ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي طَلْعِ النَّخْلِ، وَلَهُ تَبْقِيَتُهُ إلَى جِذَاذِهِ، مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ قَطْعَ غَيْرِ الْمُشَاعِ (وَإِنْ ظَهَرَ، أَوْ تَشَقَّقَ بَعْضُ ثَمَرِهِ، أَوْ) بَعْضُ (طَلْعٍ- وَلَوْ مِنْ نَوْعٍ-)، فَمَا ظَهَرَ أَوْ تَشَقَّقَ (لِمُعْطٍ)، لِمَا سَبَقَ، (وَغَيْرُهُ)، أَيْ: الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ أَوْ يَتَشَقَّقْ (لِآخِذٍ)، لِلْخَبَرِ، (إلَّا) إنْ ظَهَرَ أَوْ تَشَقَّقَ بَعْضُ ثَمَرَةٍ (فِي شَجَرَةٍ، فَالْكُلُّ)، أَيْ: كُلُّ ثَمَرِ الشَّجَرَةِ مَا ظَهَرَ وَتَشَقَّقَ، وَمَا لَمْ يَظْهَرْ أَوْ يَتَشَقَّقْ، (لِمُعْطٍ)؛ لِأَنَّ بَعْضَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ يَتْبَعُ بَعْضَهُ. (وَلِكُلٍّ) مِنْ مُعْطٍ وَآخِذٍ (السَّقْيُ) لِمَالِهِ (لِمَصْلَحَتِهِ)، وَيُرْجَعُ فِيهَا إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ (- وَلَوْ تَضَرَّرَ الْآخَرُ) بِالسَّقْيِ- لِدُخُولِهِمَا فِي الْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَصْلَحَتُهُ فِي السَّقْيِ مُنِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ السَّقْيَ يَتَضَمَّنُ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، وَالْأَصْلُ الْمَنْعُ، وَإِبَاحَتُهُ لِلْمَصْلَحَةِ. (وَمَنْ اشْتَرَى شَجَرًا) فِي أَرْضٍ لَمْ تَتْبَعْهُ الْأَرْضُ، وَإِنْ (لَمْ يَشْتَرِطْ قَطْعَهُ)، أَيْ: الشَّجَرِ (أَبْقَاهُ فِي أَرْضِ بَائِعٍ)، كَتَمْرٍ عَلَى الشَّجَرِ (بِلَا أُجْرَةٍ، وَلَا يَغْرِسُ مَكَانَهُ لَوْ بَادَ، لِعَدَمِ مِلْكِهِ الْأَرْضَ تَبَعًا لِلشَّجَرِ،) فَإِنْ تَكَسَّرَ الشَّجَرُ، أَوْ احْتَرَقَ وَنَحْوُهُ وَنَبَتَ شَيْءٌ مِنْ عُرُوقِهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ لِصَاحِبِهِ، وَيَبْقَى إلَى أَنْ يَبِيدَ، (وَلَهُ)، أَيْ: لِآخِذٍ (الدُّخُولُ لِمَصَالِحِهِ)، أَيْ، مَصَالِحِ أَشْجَارِهِ، لِثُبُوتِ حَقِّ الِاجْتِيَازِ لَهُ، وَلَا يَدْخُلُ لِتَفَرُّجٍ وَنَحْوِهِ.

.(فَصْلٌ): [في بَيْعِ ثَمَرَةٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا]:

(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ثَمَرَةٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا): «لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُبْتَاعَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أُجْمِعَ عَلَى الْقَوْلِ بِجُمْلَةِ هَذَا الْحَدِيثِ، (وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (زَرْعٍ قَبْلَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ)، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى تُزْهِيَ، وَعَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ، نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَعْدِلُ عَنْ الْقَوْلِ بِهِ، (لِغَيْرِ مَالِكِ الْأَصْلِ)، أَيْ: الشَّجَرِ، (أَوْ) لِغَيْرِ مَالِكِ (الْأَرْضِ، وَيَتَّجِهُ، أَوْ) لِغَيْرِ مَالِكِ (مَنْفَعَتِهَا)، أَيْ: الْأَرْضِ (بِإِجَارَةٍ فَقَطْ)، كَأَنْ يَسْتَأْجِرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو أَرْضَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً، ثُمَّ يُعِيرَهَا لِبَكْرٍ سَنَةً مَثَلًا، فَيَزْرَعَهَا بَكْرٌ، فَقَبْلَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ يَبِيعُهُ لِزَيْدٍ، فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ، خِلَافًا لِمَا مَالَ إلَيْهِ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ بَكْرٌ الزَّرْعَ- وَالْحَالَةُ هَذِهِ- لِعَمْرٍو الْمَالِكِ لِرَقَبَةِ الْأَرْضِ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ لِزَيْدٍ، وَعَمْرٌو لَا يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ بِالْأَرْضِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (إلَّا مَعَهُمَا)، أَيْ: الْأَصْلِ وَالْأَرْضِ، فَلَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِمَالِكِ أَصْلِهَا، أَوْ بَاعَ الزَّرْعَ قَبْلَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ لِمَالِكِ أَرْضِهِ، صَحَّ الْبَيْعُ لِحُصُولِ التَّسْلِيمِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْكَمَالِ، لِمِلْكِ الْأَصْلِ وَالْقَرَارِ، فَصَحَّ، كَبَيْعِهِمَا مَعًا، وَلِأَنَّهُ إذَا بِيعَ مَعَ الْأَصْلِ، دَخَلَ تَبَعًا فِي الْبَيْعِ، فَلَمْ يَضُرَّ احْتِمَالُ الضَّرَرِ فِيهِ، كَمَا احْتَمَلَتْ الْجَهَالَةُ فِي بَيْعِ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ مَعَ الشَّاةِ، وَالنَّوَى فِي الثَّمَرِ مَعَ التَّمْرِ، (أَوْ)، أَيْ وَإِلَّا إذَا بِيعَتْ الثَّمَرَةُ وَالزَّرْعُ (بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ)؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِخَوْفِ التَّلَفِ، وَحُدُوثِ الْعَاهَةِ قَبْلَ الْأَخْذِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: «أَرَأَيْتَ إذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ؟ بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟» رَوَاه الْبُخَارِيُّ. وَهَذَا مَأْمُونٌ فِيمَا يَقْطَعُ، فَصَحَّ بَيْعُهُ، كَمَا لَوْ بَدَا صَلَاحُهُ (إنْ انْتَفَعَ بِهِمَا)، أَيْ: الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ الْمَبِيعَيْنِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِمَا كَثَمَرَةِ الْجَوْزِ وَزَرْعِ التُّرْمُسِ- وَهُوَ حَبٌّ عَرِيضٌ أَصْغَرَ مِنْ الْبَاقِلَّا، لَمْ يَصِحَّ (وَلَيْسَا)، أَيْ: الثَّمَرَةُ وَالزَّرْعُ (مُشَاعَيْنِ)، فَإِنْ كَانَا كَذَلِكَ، بِأَنْ بَاعَهُ النِّصْفَ وَنَحْوَهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، لَمْ يَصِحَّ، إذْ لَا يُمْكِنُهُ الْقَطْعُ إلَّا بِقَطْعِ مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، (فَإِنْ) اشْتَرَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ، ثُمَّ (اسْتَأْجَرَ الْأُصُولَ أَوْ اسْتَعَادَهَا)، أَيْ: الْأُصُولَ (مُشْتَرٍ بِشَرْطِ الْقَطْعِ لِتَبْقِيَةِ) الثَّمَرَةِ (لِجِذَاذٍ، لَمْ يَصِحَّ،) وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الزَّرْعَ الْأَخْضَرَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ، ثُمَّ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ، وَاسْتَعَادَهَا لِتَبْقِيَتِهَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ بِأَوَّلِ الزِّيَادَةِ، (وَكَذَا رَطْبَةٌ وَبُقُولٌ، فَلَا تُبَاعُ مُفْرَدَةً عَنْ أَرْضٍ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا) لِغَيْرِ مَالِكِ الْأَرْضِ، (إلَّا جِزَّةً جِزَّةً بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ)؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ مَعْلُومٌ لَا جَهَالَةَ فِيهِ وَلَا غَرَرَ، بِخِلَافِ مَا فِي الْأَرْضِ مَسْتُورٌ مَغِيبٌ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ مَعْدُومٌ، فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، كَاَلَّذِي يَحْدُثُ مِنْ الثَّمَرَةِ (وَظَاهِرُ الْمُبْدِعِ مَا لَمْ تُبَعْ) رَطْبَةٌ وَبُقُولٌ (مَعَ أَصْلٍ) أَوْ أَرْضٍ أَوْ لِرَبِّ الْأَرْضِ، فَإِنْ بِيعَتْ كَذَلِكَ، صَحَّ، لِعَدَمِ الْمَانِعِ. (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَحْوِ قِثَّاءٍ وَبِطِّيخٍ)، كَبَاذِنْجَانٍ وَبَامْيَاءَ (إلَّا لَقْطَةً لَقْطَةً) مَوْجُودَةً؛ لِأَنَّ مَا لَمْ يُخْلَقْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، (أَوْ إلَّا مَعَ أَصْلِهِ)، فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ تَتَكَرَّرُ ثَمَرَتُهُ، أَشْبَهَ الشَّجَرَ، (وَلَوْ) أُبِيعَ مَعَ أَصْلِهِ (بِدُونِ أَرْضِهِ)، كَالثَّمَرِ إذَا بِيعَ مَعَ الشَّجَرِ، (أَوْ لَمْ تَبْدُ ثَمَرَتُهُ)؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأُصُولِ، وَأَمَّا الثَّمَرَةُ، فَهِيَ تَابِعَةٌ، كَالْحَمْلِ مَعَ أُمِّهِ (وَإِنْ تَلِفَ بِجَائِحَةٍ)- وَهِيَ مَا لَا صُنْعَ لِآدَمِيٍّ فِيهَا- (مَا بِيعَ لَقْطَةً، أَوْ) تَلِفَ مَا بِيعَ (بِشَرْطِ قَطْعٍ قَبْلَ تَمَكُّنِ) الْمُشْتَرِي مِنْ (أَخْذِهِ، فَمِنْ) ضَمَانِ (بَائِعٍ، وَإِلَّا)، بِأَنْ تَلِفَ بَعْدَ تَمَكُّنٍ مِنْ أَخْذِهِ، فَمِنْ ضَمَانِ (مُشْتَرٍ)، لِتَفْرِيطِهِ فِي أَخْذِهِ. (وَحَصَادُ) زَرْعِ بَيْعٍ حَيْثُ صَحَّ عَلَى مُشْتَرٍ، (وَجِذَاذُ) ثَمَرِ بَيْعٍ حَيْثُ يَصِحُّ عَلَى مُشْتَرٍ، (وَلُقَاطُ) مَا يُبَاعُ لَقْطَةً لُقْطَةً (عَلَى مُشْتَرٍ وَنَحْوِهِ،) كَمُتَّهَبٍ، لِأَنَّ نَقْلَ الْمَبِيعِ وَتَفْرِيغَ مِلْكِ الْبَائِعِ مِنْهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، كَنَقْلِ مَبِيعٍ مِنْ مَحَلِّ بَائِعٍ، بِخِلَافِ كَيْلِ وَزْنٍ فَعَلَى بَائِعٍ، كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مُؤْنَةِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، وَهِيَ عَلَى الْبَائِعِ، وَهُنَا حَصَلَ التَّسْلِيمُ بِالتَّخْلِيَةِ بِدُونِ الْقَطْعِ، لِجَوَازِ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَرَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ. (وَيَصِحُّ شَرْطُهُ)، أَيْ: الْحَصَادِ وَالْجِذَاذِ وَاللُّقَاطِ (عَلَى بَائِعٍ)، كَشَرْطِ حَمْلِ الْحَطَبِ أَوْ تَكْسِيرِهِ، (وَإِنْ تَرَكَ) مُشْتَرٍ (مَا)، أَيْ: تَمْرًا أَوْ زَرْعًا (شَرَطَ قَطْعَهُ) حَيْثُ لَا يَصِحُّ بِدُونِهِ، (بَطَلَ بَيْعٌ) فِي رِوَايَةٍ، وَهِيَ أَشْبَهَ بِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ. (وَيَتَّجِهُ وَ) كَذَا يَبْطُلُ (مَا بِمَعْنَاهُ)، أَيْ: الْمَبِيعِ، كَهِبَةٍ عَلَى عِوَضٍ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (بِزِيَادَتِهِ) لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ وَسِيلَةً إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَتَرْكُهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَوَسَائِلُ الْحَرَامِ حَرَامٌ، كَبَيْعِ الْعِينَةِ (غَيْرَ خَشَبٍ) اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، وَيَأْتِي. (وَيُعْفَى عَنْ يَسِيرِهَا)، أَيْ: الزِّيَادَةِ (عُرْفًا) لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ، وَكَذَا يَبْطُلُ بَيْعُ رُطَبٍ اشْتَرَاهَا عَرِيَّةً لِيَأْكُلَهَا، فَتَرَكَهَا- وَلَوْ لِعُذْرٍ- حَتَّى صَارَتْ تَمْرًا- لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا»، وَلِأَنَّ شِرَاءَهَا كَذَلِكَ إنَّمَا جَازَ لِحَاجَةِ أَكْلِ الرُّطَبِ، فَإِذَا أَتْمَرَ تَبَيَّنَّا عَدَمَ الْحَاجَةِ، وَحَيْثُ بَطَلَ الْمَبِيعُ عَادَتْ الثَّمَرَةُ كُلُّهَا لِبَائِعٍ، تَبَعًا لِأَصِلْهَا. (وَإِنْ حَدَثَ مَعَ ثَمَرَةٍ اُشْتُرِيَتْ) بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا (ثَمَرَةٌ أُخْرَى) غَيْرَ الْمُشْتَرَاةِ، (كَلَيْمُونٍ وَعَفْصٍ وَنَحْوِ قِثَّاءٍ)، كَبَاذِنْجَانٍ، فَاخْتَلَطَا، (أَوْ اخْتَلَطَتْ) ثَمَرَةٌ (مُشْتَرَاةٌ بِغَيْرِهَا، وَلَمْ تَتَمَيَّزْ)، إحْدَاهُمَا مِنْ الْأُخْرَى، (فَإِنْ عَلِمَ قَدْرَهَا)، أَيْ: الْحَادِثَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُولَى، كَثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ (فَالْآخِذُ)، أَيْ: الْمُسْتَحِقُّ لِلْحَادِثَةِ (شَرِيكٌ بِهِ)، أَيْ: بِذَلِكَ الْقَدْرِ الْمَعْلُومِ، (وَإِلَّا) يُعْلَمُ قَدْرُهَا (اصْطَلَحَا) عَلَى الثَّمَرَةِ، (وَلَا يَبْطُلُ بَيْعٌ)، لِعَدَمِ تَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى صُبْرَةً، وَاخْتَلَطَتْ بِغَيْرِهَا، وَلَمْ يَعْرِفْ قَدْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ شِرَاءِ ثَمَرَةٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِشَرْطِ قَطْعٍ، فَتَرَكَهَا حَتَّى بَدَا صَلَاحُهَا، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ، كَمَا تَقَدَّمَ، لِاخْتِلَاطِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِهِ بِارْتِكَابِ نَهْيٍ، وَكَوْنِهِ يُتَّخَذُ حِيلَةً عَلَى شِرَاءِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَيُفَارِقُ أَيْضًا مَسْأَلَةَ الْعَرِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تُتَّخَذُ حِيلَةً عَلَى شِرَاءِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ بِلَا حَاجَةٍ إلَى أَكْلِهِ رُطَبًا، وَحَيْثُ بَقِيَ الْبَيْعُ، فَهُوَ (كَتَأْخِيرِ قَطْعِ خَشَبٍ) اُشْتُرِيَ، وَ(شَرَطَ قَطْعَهُ) [فَلَمْ يُقْطَعْ] حَتَّى نَمَا، وَزَادَ، فَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ (وَيَشْتَرِكَانِ)، أَيْ: الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي (فِي زِيَادَتِهِ)، أَيْ: الْخَشَبِ، نَصًّا، لِحُصُولِهَا فِي مِلْكَيْهِمَا، إذْ الْخَشَبُ مِلْكُ الْمُشْتَرِي، وَأَصْلُهُ مِلْكُ الْبَائِعِ، وَهُمَا سَبَبُ الزِّيَادَةِ، فَيُقَوَّمُ الْخَشَبُ يَوْمَ الْعَقْدِ وَيَوْمَ الْأَخْذِ، فَالزِّيَادَةُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ يَشْتَرِكَانِ فِيهَا. (وَمَتَى بَدَا صَلَاحُ ثَمَرٍ) جَازَ بَيْعُهُ، (أَوْ اشْتَدَّ حَبٌّ، جَازَ بَيْعُهُ مُطْلَقًا)، أَيْ: بِلَا شَرْطِ قَطْعٍ، (وَ) جَازَ بَيْعُهُ (بِشَرْطِ تَبْقِيَةِ) ثَمَرٍ إلَى جِذَاذٍ، وَزَرْعٍ إلَى حَصَادٍ، لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ وَأَمْنِ الْعَاهَةِ. (وَلِمُشْتَرٍ بَيْعُهُ)، أَيْ: الثَّمَرِ الَّذِي بَدَا صَلَاحُهُ، وَالزَّرْعِ الَّذِي اشْتَدَّ حَبُّهُ (قَبْلَ جَذِّهِ)؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالتَّخْلِيَةِ، فَجَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَسَائِرِ الْمَبِيعَاتِ.
(وَ) لِمُشْتَرٍ (قَطْعَهُ) فِي الْحَالِ، (وَ) لَهُ (تَبْقِيَتُهُ لِحَصَادٍ وَجِذَاذٍ، لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ)، وَلِأَنَّهُ لَوْ قَطَعَهُ فِي الْحَالِ لَاحْتَاجَ لِعَمَلٍ كَثِيرٍ، وَقَدْ يَنْضَرُّ بِعَدَمِ تَمَامِ نُمُوِّهِ وَنُضْجِهِ. (وَيَتَّجِهُ) لَا يَلْزَمُهُ جَذُّهُ فِي الْحَالِ (إلَّا مَعَ شَرْطِ قَطْعٍ)، فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ أَخْذَهُ فِي الْحَالِ، وَكَانَ ذَلِكَ (لِغَرَضٍ) صَحِيحٍ، أَجَابَهُ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ، عَمَلًا بِالشَّرْطِ، لِلْخَبَرِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَعَلَى نَحْوِ بَائِعٍ)، كَوَاهِبٍ (سَقْيَهُ)، أَيْ: الثَّمَرَ، بِسَقْيِ شَجَرِهِ- وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ-؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ كَامِلًا، بِخِلَافِ شَجَرِ بَيْعٍ وَعَلَيْهِ ثَمَرٌ لِبَائِعٍ، فَلَا يَلْزَمُ مُشْتَرِيًا سَقْيَهُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَمْلِكْهُ مِنْ جِهَتِهِ، وَإِنَّمَا بَقِيَ مِلْكُهُ عَلَيْهِ. (وَيَتَّجِهُ وَ) عَلَيْهِ أَيْضًا (حِرَاسَتُهُ)، أَيْ: الثَّمَرَ، إلَى أَنْ يَتِمَّ نُضْجُهُ، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ فِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ (وَلَوْ تَضَرَّرَ أَصْلٌ)، أَيْ: شَجَرٌ بِالسَّقْيِ، (وَيُجْبَرُ) بَائِعٌ عَلَى سَقْيٍ (إنْ أَبَى) السَّقْيَ، لِدُخُولِهِ عَلَيْهِ، (مَا لَمْ تُبَعْ ثَمَرَةٌ بِأَصْلٍ)، أَيْ: مَعَهُ، فَإِنْ بِيعَتْ مَعَ أَصْلِهَا صَارَتْ مِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ. (وَمَا تَلِفَ مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ) عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ فِي الزَّرْعِ، (وَنَحْوِ قِثَّاءٍ)، كَخِيَارٍ وَبَاذِنْجَانٍ بِيعَ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ، (سِوَى يَسِيرٍ) مِنْهُ (لَا يَنْضَبِطُ) لِقِلَّتِهِ (بِجَائِحَةٍ)- مُتَعَلِّقٌ بِتَلَفٍ- (وَهِيَ)، أَيْ: الْجَائِحَةُ (مَا)، أَيْ: آفَةٌ (لَا صُنْعَ لِآدَمِيٍّ فِيهَا) كَجَرَادٍ وَحَرٍّ وَبَرْدٍ وَعَطَشٍ- (وَلَوْ) كَانَ تَلَفُهُ (بَعْدَ قَبْضٍ بِتَخْلِيَةٍ)- فَضَمَانُهُ (عَلَى بَائِعِ) الثَّمَرَةِ التَّالِفَةِ وَنَحْوِهَا، (وَيُوضَعُ مِنْ الثَّمَنِ)، أَيْ: ثَمَنِ مَا تَلِفَ بَعْضُهُ (بِقِسْطِهِ) مِنْ الثَّمَنِ، (وَبِتَلَفِ) الثَّمَرِ أَوْ الزَّرْعِ (كُلِّهِ يَبْطُلُ الْعَقْدُ)، لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ»، وَعَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إنْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا، فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا. بِمَ تَأْخُذُ مِنْ مَالِ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟» رَوَاهمَا مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّ مُؤْنَتَهُ عَلَى الْبَائِعِ وَنَحْوِهِ إلَى تَتِمَّةِ صَلَاحِهِ، فَوَجَبَ كَوْنُهُ مِنْ ضَمَانِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ بَائِعٍ فِي قَدْرٍ تَالِفٍ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، (مَا لَمْ يُبَعْ) ثَمَرٌ (مَعَ أَصْلِهِ)، فَإِنْ بِيعَ مَعَهُ، فَمِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ (وَيَتَّجِهُ أَوْ)، أَيْ: وَكَذَا لَوْ بِيعَ الثَّمَرُ (لِمَالِكِ أَصْلِهِ)، ثُمَّ تَلِفَ، فَمِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ، لِحُصُولِ الْقَبْضِ التَّامِّ، وَانْقِطَاعِ عَلَاقَةِ الْبَائِعِ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا بِيعَ مُنْفَرِدًا عَنْ أَصْلِهِ، وَخُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَذَاكَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ التَّخْلِيَةَ لَيْسَتْ بِقَبْضٍ تَامٍّ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (أَوْ يُؤَخِّرُ) مُشْتَرٍ (أَخَذَهُ)، أَيْ: الثَّمَرَ (عَنْ عَادَتِهِ)، فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْهَا، فَمِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، لِتَلَفِهِ بِتَقْصِيرِهِ. (وَإِنْ يُعَبْ) ثَمَرٌ (بِهَا)، أَيْ: الْجَائِحَةِ، قَبْلَ أَوَانِ جِذَاذِهِ، (خُيِّرَ) مُشْتَرٍ (بَيْنَ إمْضَاءِ) بَيْعٍ (وَ) أَخْذِ (أَرْشٍ، أَوْ رَدِّ) مَبِيعٍ، (وَأَخْذِ ثَمَنٍ كَامِلًا)؛ لِأَنَّ مَا ضُمِنَ تَلَفُهُ بِسَبَبٍ فِي وَقْتٍ كَانَ ضَمَانُ تَعَيُّبِهِ فِيهِ بِذَلِكَ مِنْ بَابٍ أَوْلَى.
(وَ) إنْ تَلِفَ (بِصُنْعِ آدَمِيٍّ- وَلَوْ كَعَسْكَرٍ وَلِصٍّ)- فَحَرَقَهُ وَنَحْوَهُ، (خُيِّرَ مُشْتَرٍ بَيْنَ فَسْخِ) بَيْعٍ، وَطَلَبِ بَائِعٍ بِمَا قَبَضَهُ وَنَحْوَهُ مِنْ ثَمَنٍ، (أَوْ إمْضَاءِ) بَيْعٍ (وَطَلَبِ مُتْلِفٍ)، وَلَوْ بَائِعًا بِبَدَلِهِ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ مُشْتَرٍ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، كَمَبِيعٍ بِكَيْلٍ وَنَحْوِهِ. (وَيَتَّجِهُ أَنَّ مَا بِمَعْنَى بَيْعٍ فِيمَا مَرَّ)، كَهِبَةٍ عَلَى عِوَضٍ حُكْمُهَا (كَبَيْعٍ)، إذْ مَا كَانَ بِمَعْنَى شَيْءٍ فَهُوَ تَابِعٌ لَهُ فِي الْحُكْمِ، (وَكَذَا غَيْرُهُ)، كَالْإِجَارَةِ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ بُسْتَانًا أَوْ أَرْضًا، وَسَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ بِجُزْءٍ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ، فَتَلِفَ الثَّمَرُ بِجَرَادٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْآفَاتِ السَّمَاوِيَّةِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ وَضْعُ الْجَائِحَةِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ صُورَةَ الْمُشْتَرِي حَقِيقَةً، فَيَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْعِوَضِ مَا تَلِفَ مِنْ الثَّمَرَةِ، سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا أَوْ صَحِيحًا.
قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ: وَيَكُونُ حُكْمُ مَا بِمَعْنَى بَيْعٍ، كَبَيْعٍ (فِي فَسْخِ عَقْدٍ بِتَلَفِ) مَعْقُودٍ عَلَيْهِ كُلِّهِ. (وَيَلْزَمُ) نَحْوَ وَاهِبٍ ثَمَرَةٌ عَلَى عِوَضٍ أَوْ مَكِيلٌ لَمْ يَتِمَّ قَبْضُهُ، وَفَسْخُ عَقْدٍ بِتَلَفِهِ كُلِّهِ (مِثْلُهُ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، (أَوْ قِيمَتُهُ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ، فَلَا تُعْطَى حُكْمَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَهَذَا الِاتِّجَاهُ مُصَرَّحٌ [بِهِ] فِي الْجُمْلَةِ.
تَنْبِيهٌ:
أَصْلُ كُلِّ نَبَاتٍ يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ مِنْ شَجَرٍ وَقِثَّاءٍ وَنَحْوِهِ، كَثَمَرِ شَجَرٍ فِي جَائِحَةٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ، بِخِلَافِ زَرْعِ بُرٍّ وَنَحْوِهِ إذَا تَلِفَ بِجَائِحَةٍ، فَمِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ حَيْثُ صَحَّ الْمَبِيعُ. (وَصَلَاحُ [بَعْضِ] ثَمَرِ شَجَرَةٍ إنْ بِيعَتْ صَلَاحٌ لِجَمِيعِ) ثَمَرِ أَشْجَارِ (نَوْعِهَا الَّذِي بِالْبُسْتَانِ)؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الصَّلَاحِ فِي الْجَمِيعِ يَشُقُّ، وَكَالشَّجَرَةِ الْوَاحِدَةِ وَلِأَنَّهُ يَتَتَابَعُ غَالِبًا، (وَكَذَا صَلَاحُ)، أَيْ: اشْتِدَادُ (بَعْضِ حَبِّ نَوْعِ زَرْعِ بُسْتَانٍ) صَلَاحٌ لِجَمِيعِهِ، فَيَصِحُّ بَيْعُ الْكُلِّ تَبَعًا، لَا إفْرَادُ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِالْبَيْعِ. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ صَلَاحَ نَوْعٍ لَيْسَ صَلَاحًا لِنَوْعِ غَيْرِهِ (وَالصَّلَاحُ فِيمَا يَظْهَرُ) مِنْ الثَّمَرِ (فَمًا وَاحِدًا كَبَلَحٍ وَعِنَبٍ وَبَقِيَّةِ ثَمَرٍ [طِيبُ] أَكْلِهِ وَظُهُورُ نُضْجِهِ)، لِحَدِيثِ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى تَطِيبَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (أَوْ يَحْمَرَّ لَوْنُهُ). (وَيَتَّجِهُ أَوْ يَصْفَرَّ)، قَالَهُ فِي الْإِقْنَاعِ فَلَا حَاجَةَ لِاتِّجَاهِهِ (أَوْ يَتَمَوَّهُ عِنَبٌ بِحُلْوٍ)، أَيْ: يَصْفَرُّ لَوْنُهُ، وَيَظْهَرُ مَاؤُهُ، وَتَذْهَبُ عُفُوصَتُهُ مِنْ الْحَلَاوَةِ. قَالَهُ فِي حَاشِيَةِ التَّنْقِيحِ وَقَالَ: إنْ كَانَ أَبْيَضَ، حَسُنَ قِشْرُهُ، وَضَرَبَ إلَى الْبَيَاضِ، وَإِنْ كَانَ أَسْوَدَ، فَحِينَ يَظْهَرُ فِيهِ السَّوَادُ (وَ) الصَّلَاحُ (فِيمَا يَظْهَرُ فَمًا بَعْدَ فَمٍ، كَقِثَّاءٍ أَنْ يُؤْكَلَ عَادَةً)، كَالثَّمَرَةِ، (وَ) الصَّلَاحُ (فِي حَبٍّ أَنْ يَشْتَدَّ، أَوْ يَبْيَضَّ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ اشْتِدَادَهُ غَايَةً لِصِحَّةِ بَيْعِهِ، كَبُدُوِّ صَلَاحِ ثَمَرٍ.

.(فَصْلٌ): [ما يلحق المبيعَ في البيع]:

(وَيَشْمَلُ بَيْعُ دَابَّةٍ)، كَفَرَسٍ (عِذَارًا- وَهُوَ اللِّجَامُ- وَمِقْوَدًا)- بِكَسْرِ الْمِيمِ- (وَنَعْلًا)، لِتَبَعِيَّتِهِ لَهَا عُرْفًا.
(وَ) يَشْمَلُ بَيْعُ (قِنٍّ لِبَاسًا مُعْتَادًا) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى عَلَى الْعَادَةِ، وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ حَاجَةُ الْمَبِيعِ وَمَصْلَحَتُهُ، وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِبَيْعِهِ مَعَهُ. (وَلَا يَأْخُذُ) مُشْتَرٍ (مَا لِجَمَالٍ) مِنْ لُبْسٍ وَحُلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ [عَلَى الْعَادَةِ، وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ حَاجَةُ الْمَبِيعِ، وَإِنَّمَا يُلْبِسُهُ إيَّاهُ لِيُنْفِقَهُ بِهِ، وَهَذِهِ حَاجَةُ] الْبَائِعِ، لَا حَاجَةُ الْمَبِيعِ، (وَ) لَا يَشْمَلُ الْبَيْعُ (مَالًا مَعَهُ)، أَيْ: الرَّقِيقِ (أَوْ بَعْضِ ذَلِكَ)، أَيْ: بَعْضِ مَا لِجَمَالٍ وَبَعْضِ الْمَالِ، (إلَّا بِشَرْطٍ)، بِأَنْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ، أَوْ بَعْضَهُ فِي الْعَقْدِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ»، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، (ثُمَّ إنْ قَصَدَ) مَا اشْتَرَطَ، وَلَا يَتَنَاوَلُهُ بَيْعٌ لَوْلَا الشَّرْطُ، بِأَنْ لَمْ يُرَدَّ تَرَكَهُ لِلْقِنِّ، (اشْتَرَطَ لَهُ شُرُوطَ بَيْعٍ) مِنْ الْعِلْمِ بِهِ، وَأَنْ لَا يُشَارِكَ الثَّمَنَ فِي عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ وَنَحْوِهِ، كَمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الْمُعَيَّنَيْنِ الْمَبِيعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ مَقْصُودٌ، أَشْبَهَ مَا لَوْ ضَمَّ إلَى الْقِنِّ عَيْنًا أُخْرَى، وَبَاعَهُمَا. (وَلَهُ)، أَيْ: الْمُبْتَاعِ (الْفَسْخُ بِعَيْبِ مَالِهِ)، أَيْ: مَالِ الرَّقِيقِ الْمَقْصُودِ، (كَهُوَ)، أَيْ: كَمَا أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ بِعَيْبٍ يَجِدُهُ فِي الرَّقِيقِ. (وَإِنْ رَدَّ) الرَّقِيقَ (بِإِقَالَةٍ أَوْ خِيَارِ) شَرْطٍ، (أَوْ) خِيَارِ (عَيْبٍ)، أَوْ غَبْنٍ، أَوْ تَدْلِيسٍ، (رَدَّ مَالَهُ) مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالٍ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي بِهِ، فَيَرُدَّهُ بِالْفَسْخِ، كَالْعَبْدِ، (وَ) رَدَّ (بَدَلَ)، أَيْ: قِيمَةَ (مَا تَلِفَ) مِنْ الْمَالِ عِنْدَهُ، كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ عِنْدَهُ، ثُمَّ رَدَّهُ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَامْرَأَتِهِ بِبَيْعِهِ، بَلْ النِّكَاحُ بَاقٍ مَعَ الْبَيْعِ، لِعَدَمِ مَا يُوجِبُ التَّفْرِيقَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَالَ الْقِنِّ أَوْ ثِيَابَ جَمَالِهِ أَوْ حِلْيَةً، فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ شُرُوطُ الْبَيْعِ، لِدُخُولِهِ تَبَعًا غَيْرَ مَقْصُودٍ، أَشْبَهَ أَسَاسَاتِ الْحِيطَانِ وَتَمْوِيهَ سَقْفٍ بِذَهَبٍ، وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ بِالتَّمْلِيكِ.